الحجاب الفرض ,
محسن عبد التواب
حكم خروج المرأة متعطرة: يحرم سواء كان العطر مركّزا أو مخفّفا قليلا. ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم "أيما امرأة استعطرت فخرجت فمرت على قوم ليشتمّوا من ريحها فهي زانية"(1) فوصف خروج المرأة متعطرة بالزنا دال على تحريم هذا الفعل وقبحه.
حكم مصافحة الرجل الأجنبيّ(2) أو لمسه: محرّم وكذا الجلوس بجانبه في المواصلات العامة.
ودليل ذلك حديث أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال"إنّ الله كتب على ابن آدم حظّه من الزّنى. أدرك ذلك لا محالة. فزنى العينين النّظر. وزنى اللسان النّطق. واليد زناها البطش. والنّفس تمنّى وتشتهي.والفرج يصدّق ذلك أو يكذّبه".(3)
فإطلاق اسم الزّنا على لمس اليد لما لا يحلّ يدلّ على تحريم هذا اللمس. وكذا سائر الأعضاء بالقياس.
حكم الخروج بزينة الوجه "المكياج" أو العدسات الملونة: يحرم خروج المرأة بالعدسات الملونة.أو خروجها بزينة الوجه حتى وإن خفّت أو كانت مجرد كحل قليل.
لقول الله عزّ وجلّ ﴿ولا يبدين زينتهنّ﴾ (4). والآية بصيغة النهي و[النّهي يقتضي التّحريم](5).وزينة الوجه وإن خفّت فهي تسمّى زينة.
حكم ارتداء الملابس الضيقة: خروج المرأة بالبناطيل أو "بالبلوزات" التي تصف الثدي من كبائر الذنوب وإن كانت ترتدي "إيشاربا".
ودليل ذلك حديث أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "صنفان من أهل النّار لم أرهما. قوم ................ ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلاترؤسهنّ كأسنمة البخت المائلة لا يدخلنّ الجنّة ولا يجدن ريحها. وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا".(6)
والكسيّ والعريّ صفتان متضادتان لا تجتمعان إلا بارتداء ملابس ضيقة فتكون المرأة كاسية وفي نفس الوقت عارية.
وفي قوله"من أهل النّار" وقوله " لا يدخلنّ الجنّة " دلالة قطعية على تحريم الفعل وكونه من الكبائر. وإلا ما وعدت صاحبته بالنّار وحرمت من الجنّة.
ويلحق بذلك: الخروج ب ال"سبانش" لكونه يجسّد الرأس ويبيّن الرّقبة وال"بودي ليكرا" (كارينا......إلخ) حتى وإن كانت ترتدي معه "جيبة" واسعة و"إيشاربا" فضفاضا لأنّه يجسّد الخصر والظّهر والجنبين والذّراعين.وكذا ارتداء العباءة الضيّقة أو العباءة ذات القماش الخفيف الذي يلتصق بالبدن عند السير.
فيدخل كل ذلك في عموم حديث "صنفان من أهل النّار...............إلخ".
--------------------------
(1) سنن التّرمذيّ (ح 2710) وإسناده صحيح. (2) الرجل الأجنبيّ: كل من ليس من محارم المرأة
(3) مسلم (ك القدر ح 2657) (4) الآية31 سورة النور
(5) قاعدة في أصول الفقه يرجع لكتب أصول الفقه...ك البرهان في أصول الفقه للإمام الجويني مذكرة أصول الفقه للشنقيطي أصول الفقه لل د.عبد الكريم زيدان....إلخ. (6) مسلم (ح 2128 ك اللباس).
--------------------------------------------------------------------------------
حكم الخروج بال " تونيك: يحرم وإن كان بنطاله واسعاوالجزء العلويّ منه طويلا إلى الركبة. فمجرد الخروج بالبنطايل محرّم. لقول الله عزّ وجلّ ﴿ياأيّها النّبيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ.. ﴾(1). والأمر عند الأصوليين (2) يقتضي الوجوب(3).
والجلابيب لغة: (جمع جلباب وهو رداء ساتر من الرأس إلى القدم. والجلباب: العباءة الواسعة ). فهذا هو ما أوجبه الشارع(4).. وما كان مخالفا للواجب فهو محرّم (5).
والبنطال وإن كان واسعا فهو مخالف للجلباب.
كما أنّ البنطال يستر كل رجل على حدة ومعلوم أنّ المسافة التي بين الساقين عورة.
حكم ارتداء الملابس والإيشاربات الملونة: يحرم خروج المرأة بالملابس أو الإيشاربات الملونة ألوانا جذابة أو ملفتة للنّظر ( كالأحمر والبمبي والبرتقالي والبنفسجي ..... إلخ). وكذا الملابس المنقوشة والمزركشة.
لقول الله تعالى ﴿ ولا يبدين زينتهنّ ﴾(6) والنّهي يقتضي التّحريم.
ولأنّ من شرط الحجاب ألا يكون ثوب زينة.
--------------------------
(1) الآية 59 سورة الأحزاب.
(2) الأصوليون: علماء أصول الفقه. وهي علم القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعيّة.
(3) الواجب :هو الفرض وهو ما كان في فعله الثّواب وفي تركه العقاب.
(4) الشارع: المشرّع وهو الله.
(5) يرجع لأصول الفقه. قاعدة [الأمر بشيء نهي عن ضدّه] مثلا الأمر بالقيام في الصّلاة في قوله تعالى ﴿ وقوموا لله قانتين ﴾ نهي عن النّوم وعن القعود وعن كل ما يخالف القيام أثنائها وهكذا...
(6) نفس الآية المذكورة آنفا.
--------------------------------------------------------------------------------
مسألة كشف الوجه: كل ما سبق ذكره من أحكام قد انعقد عليها إجماع العلماء.(1)
أما النّقاب فقد اختلف(2) فيه العلماء إلى مذهبين متكافئين:
الأول: أنّه واجب وعليه فيحرم خروج المرأة كاشفة وجهها.
الثاني: أنّه مستحب.(3)
لكنّ الفريق الأول والثاني وجميع علماء المسلمين أجمعوا على وجوب ستر الوجه في إحدى هاتين الحالتين:
الأولى: إذا كانت المرأة شديدة الجمال فاتنة الوجه.
الثّانية: في زمان الفتنة.
فمن اتّصفت بالحجاب ثمّ لاحظت أثناء خروجها أنّ الرّجال يحملقون في وجهها إعجابا بها (لشدّة جمالها) أو لاحظت أنّ كثيرا من الرجال يتأملون في وجهها لا لشدّة جمالها بل لعدم تورعهم وانتشار الفسق في الزمان أو المكان الذي تعيش فيه كانت عاصية لله ورسوله آثمة إلا أن ترتدي النقاب(4).
فخلاصة ما ذكر: أنّ الحجاب ليس "الإيشارب" يوضع على الرأس بل هو جميع ما سبق وبقدر المخالفة يكون الإثم وبقدر المبالغة في ستر الزّينة يكون الأجر.
وأخيرا: أذكرك أختاه بأنّ التّقوى هي أداء جميع ما أمر الله به واجتناب كل ما نهى الله عنه.وأنّ جزاءها يكون في الدّنيا والآخرة.كما قال تعالى ﴿قل يا عباد الّذين آمنوا اتّقوا ربّكم للّذين أحسنوا في هذه الدّنيا حسنة ﴾(5) وقال تعالى ﴿لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم غرف من فوقها غرف مبنيّة تجري من تحتها الأنهار وعد الله..﴾(6) فمن حافظت على جميع الواجبات(7) من صلاة وبر للوالدين وارتداء الحجاب وطاعة للزوج(
...إلخ.وتركت جميع المحرمات من غيبة وإيذاء للجار واستماع للمعازف واختلاط بالرجال وخروج بزيّ محرم ...إلخ.كانت مستحقة لكل ما جاء في آيات القرآن من ثواب وكرامة للمتقين.
--------------------------
(1) الإجماع: هو المصدر الثالث من مصادر التّشريع بعد الكتاب والسنّة. يرجع لكتب أصول الفقه... ك الرسالة للإمام الشافعيأصول التشريع الإسلامي د.علي حسب الله نظم الورقات...إلخ.
(2) اختلاف العلماء يرجع لأسباب كثيرة منها اختلافهم في تفسير الآية التي يستنبط منها الحكم وصحة الحديث عند أحدهم وضعفه عند الآخر واختلاف طريقة استباط الحكم من نفس النص.
(3) الاستحباب: أحد الأحكام الشّرعية الخمسة وهو ما كان في فعله ثواب وليس في تركه عقاب.
(4) لمراجعة مسألة الحجاب بالتفصيل.. يرجع لكتب الفقه أبواب الصلاة و أبواب النكاح.
(5) الآية 10 سورة الزمر. (6) الآية 20 سورة الزّمر. (7) الواجب: هو الفرض كما سبق أن ذكرنا (
طاعة الزوج واجبة كما قال تعالى﴿ فالصّالحات قانتات حافظات للغيب بماحفظ الله.... ﴾14 النساء .