.. نوع آخر من الحساسية
المسك والصندل والأدوية بعض أهم مسبباته
لأننا في عصر أمراض الحساسية، علينا أن لا نستغرب من أن «أي شيء» قد يكون سببا في ظهورها. وعند ذكر «الحساسية»، غالبا ما تتجه الأذهان نحو أنواع معينة من الأطعمة، أو المواد الكيميائية في العطور أو مستحضرات التجميل والترطيب، أو أصناف الأدوية، كعوامل محتملة لتهييج حصول «تفاعلات الحساسية».
ولكن الحقيقة، ووفق ما تتحدث عنه المصادر الطبية باهتمام، فإن مسببات الحساسية غدت أكثر غرابة. وفي نوفمبر من العام الماضي عرضت مجلة «صحتك» مشكلة «الحساسية من النيكل». وما لفت النظر في ذلك المقال، هو إشارة رابطة أطباء الجلدية البريطانية إلى أن حساسية النيكل شائعة في المملكة المتحدة، لدرجة أن 30% من الناس هم بالفعل مصابون بها.
ولأسباب عدة، هناك اهتمام طبي بنوع آخر من مسببات الحساسية، وهي أشعة الشمس. وبخلاف حالات «حروق الشمس» المعتادة أو تجاعيد الجلد أو ظهور البقع الجلدية أو نشوء حالات سرطان الجلد، والتي تنجم كلها في الغالب عن طول مدة التعرض لأشعة الشمس الحارقة، فإن «مجرد» تعريض الجلد لأي كمية من أشعة الشمس قد يكون لدى البعض هو العنصر المهيج لحصول تفاعلات الحساسية والتسمم في الجلد، أو مناطق أخرى في الجسم.
ومع وجود النصيحة الطبية الأصلية بالاهتمام بالتعرض النسبي اليومي لأشعة الشمس، كوسيلة لإنتاج فيتامين «D»، فإن من الضروري معرفة أن هناك أمراضا مزمنة، وعدة أنواع من الأدوية الشائع استخدامها، والأغذية، والمستحضرات الجلدية، التي قد تثير حالات «التسمم الشمسي» لدى البعض. ولا يعني الأمر وجوب تجنبها، ولكن معرفتها تعين الشخص والطبيب على تفسير ومنع حصول تلك النوعية من التفاعلات التي قد يخفى سببها غالبا.
* آليات التسمم الشمسي
* ولحساسية الشمس {Sun Sensitivity} عدة أسماء، تذكرها المصادر الطبية، منها
«التسمم الشمسي» {sun poisoning}
و«الحساسية الضوئية» {photosensitivity}
والتهاب الجلد الضوئي {Photodermatitis} وغيرها.
والمقصود بها تلك الأعراض والتغيرات التي تعتري طبقة الجلد، بعد تعريض الجلد لأشعة الشمس، عبر واحدة من ثلاث آليات.
1 الحساسية الضوئية
* الآلية الأولى ـ حساسية ضوئية >>
photoallergy<<: ويطلق عليها أحيانا «أرتكريا الأشعة الكونية» Solar Urticaria. وفي هذه الحالات يحصل أن تتفاعل الأشعة فوق البنفسجية، القادمة ضمن الحزمة الضوئية لأشعة الشمس، مع أحد المواد الكيميائية التي توضع على الجلد. ويحصل بالنتيجة تغيير في تركيب تلك المادة الكيميائية، ما يثير جهاز المناعة لإنتاج أجسام مضادة ضد تلك المادة الكيميائية الجديدة، أي أن تلك المادة الكيميائية الجديدة تتحول إلى مادة مهيجة لخلايا جهاز مناعة الجسم. وحينما يتعرض الجلد لأشعة الشمس، وفي وجود تلك المادة الأصلية على الجلد، تتكون المادة الكيميائية الجديدة، وبالتالي يحصل تفاعل جهاز مناعة الجسم معها. وفي هذه النوعية من «حساسية الشمس» قد تظهر العلامات الجلدية، كالبقع الحمراء أو البثور أو القروح، خلال فترة وجيزة جدا، تصل إلى حوالي 20 ثانية، بعيد التعرض لأشعة الشمس. ولكن الغالب هو أن يتأخر ظهور تلك العلامات الجلدية إلى ما بعد يوم أو ثلاثة أيام. وقد تظهر تلك العلامات الجلدية للحساسية في المنطقة الجلدية التي تعرضت لأشعة الشمس، وقد تظهر في مناطق أخرى من الجلد الذي لم يتعرض للشمس وأشعتها.
وهذه المواد الكيميائية توضع عادة ضمن مستحضرات ترطيب البشرة أو علاج الإصابات الجلدية أو مع مستحضرات التجميل أو حتى للوقاية من أشعة الشمس نفسها. وهو ما يؤدي إلى حصول تفاعلات الحساسية وظهور علامتها. ومعلوم أن تهييج تفاعلات خلايا جهاز مناعة الجسم مع عنصر ما، هو الأساس في تشخيص حصول الإصابة بالحساسية، أيا كان نوعها.
وكذلك تتسبب بهذا النوع أدوية شائعة الاستخدام، مثل عقار «بروفين» ومشتقاته، الموجودة في أدوية «أدفيل» و«موترين». وكذلك العطور الطبيعية، كالمسك والصندل وغيرهم.
2 التسمم الضوئي
* الآلية الثانية ـ التسمم الضوئي >>
Phototoxicity<<: وهو النوع الأكثر شيوعا، ولا ينشأ نتيجة لإثارة جهاز مناعة الجسم، بل نتيجة لحصول تفاعلات بين الأشعة فوق البنفسجية مع مواد كيميائية دوائية موجودة في داخل الجسم، ومتغلغلة في داخل طبقة الجلد تحديدا، بعد تناولها عبر الفم أو حقنها في الوريد أو دهن الجلد بها. وما يحصل هو أن المواد الدوائية الكيميائية تمتص وتجتذب الأشعة فوق البنفسجية القادمة مع أشعة الشمس، وتتفاعل معها. ويؤدي «تفاعل التسمم الضوئي» phototoxicreaction هذا إلى إنتاج مواد كيميائية جديدة، من شأنها أن تتسبب في إتلاف أنسجة وخلايا طبقات الجلد، وبالتالي ظهور علامات ذلك على الجلد نفسه. وهي أشبه بأعراض وعلامات حروق الشمس، وليس كتفاعلات حساسية الجلد المعروفة. وهذه التغيرات الجلدية قد تظهر خلال بضع دقائق من بعد التعرض لأشعة الشمس، وقد تظهر بعد بضع ساعات. ولكنها من النادر أن تظهر لأول مرة بعد أيام، أو أن تظهر في غير الأماكن التي تعرضت لأشعة الشمس نفسها.
وتذكر نشرات إدارة الغذاء والدواء الأميركية أن هذه التغيرات الجلدية قد لا يلقى لها بالا ولا يربط فيما بينها وبين الأدوية، لأن الشخص يظن أنها نتيجة للتعرض لأشعة الشمس ويصنفها كحروق جلدية. وتم التعرف على أكثر من 150 مادة كيميائية، دوائية وغيرها، قد تثير هذه النوعية من التفاعلات.
3 رهاب الشمس
* الآلية الثالثة ـ «فوبيا» الضوء >>photophobia<<: وهذا نوع ثالث من حساسية الشمس، يكون فيه لدى الشخص خوف ورهاب phobia من الضوء، وخاصة ضوء أشعة الشمس. وفي هذا النوع، يحاول المصاب الخائف جاهدا تجنب التعرض لأشعة الشمس، لأنها تتسبب له بحساسية مؤلمة في العينين.
وهناك أمثلة عديدة على أدوية تتسبب بالمشكلة، مثل
عقار «ديجيتوكسن» digitoxin المستخدم في علاج اضطرابات نبض القلب أو ضعف القلب.
وعقار «كوينيدين» quinidine لعلاج اضطرابات نبض القلب.
وعقاقير «تولازاميد» tolazamide و«تولبيوتاميد» tolbutamide لعلاج السكري.